اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
شفاء العليل شرح منار السبيل
219042 مشاهدة
الماء الطهور المكروه استعماله ومنه الماء الذي اشتد حره أو برده

قوله: [ وماء اشتد حره أو برده ] لأنه يؤذي ويمنع كمال الطهارة.


الشرح: أي بسبب شدة الحرارة أو البرودة؛ لأن من يتوضأ بماء حار جدا أو بارد جدا يخشى أن لا يتطهر طهارة كاملة بسبب ما يجده من حر الماء أو برده؛ فلهذا فإنه يعجل في وضوئه، وقد يترك بسبب ذلك شيئا منه؛ ولهذا قال النووي في هذه المسألة: (دليل الكراهة أنه يتعرض للضرر، ولأنه لا يمكن استيفاء الطهارة به على وجهها) هذا إذا لم يحتج إلى هذا الماء، فأما إذا احتاج إليه فلا حرج حينئذ، وقد ذهب ابن القيم -رحمه الله- إلى أن الوضوء بالماء البارد في شدة البرد عبودية أي لأنه دليل على قوة إيمان هذا المتوضئ حيث لم يترك الطهارة بسبب برد الماء، ومما يشهد لهذا قوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط رواه مسلم فعد -صلى الله عليه وسلم- إسباغ الوضوء على المكاره من الرباط، وبين فضله وأجره.
والمستحب أن لا يتكلف المرء ضد حاله، فإن تيسر له الماء المعتدل في حره وبرده توضأ به وإلا توضأ بغيره، وإن تركه حتى ينكسر برده أو حره فهو أفضل ليتطهر طهارة كاملة.